أسرة مار أفرام السرياني للجامعيين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أسرة مار أفرام السرياني للجامعيين

منتدى الأسرة الجامعية

مواضيع مماثلة


      مَنْ هُوَ الله؟للأبّ رامي إليَاس اليَسُوعيّ

      George Atalla
      George Atalla
      مشرف المنتدى العام
      مشرف المنتدى العام


      ذكر عدد الرسائل : 745
      العمر : 42
      تقييم مساهمات العضو : 0
      تقييم العضو : 6289
      تاريخ التسجيل : 09/10/2007

      مَنْ هُوَ الله؟للأبّ رامي إليَاس اليَسُوعيّ Empty مَنْ هُوَ الله؟للأبّ رامي إليَاس اليَسُوعيّ

      مُساهمة من طرف George Atalla الأربعاء 10 أكتوبر 2007, 7:26 pm

      مَنْ هُوَ الله؟للأبّ رامي إليَاس اليَسُوعيّ
      الكاتب


      الأبّ رامى إلياس اليسوعيّ متخصّصٌ فى علم النفس والتحليل النفسانيّ، وهو مسؤول عن مراكز التربية المسيحيّة فى دمشق وضواحيها، ومدير مركز تأهيل المربّين المسيحيّين فى المدينة نفسها.

      فهرس المحتويات:

      · مقدمة

      · الله المحرر

      · الله الخالق

      · الله المخلص

      · الله المتجسد

      · الله المتألم

      · الله المائت و القائم من بين الأموات

      · المراجع







      مقـدمة


      مَنْ هو الله؟ موضوع الله موضوع أساسيّ ومُهِمّ، لأنَّه في الحقيقة يعني موضوع الإنسان أيضًا. ففي كل مرّة يَطرَح فيها الإنسان السؤال حَوْل ذاتِه، مصدرِه، جذورِه، معنى وجودِه، يطرح في الوقت نفسه السؤال حول وجود الله، أو حول المطلق، وذلك إمَّا لكي يؤكِّد هذا الوجود وإمَّا لينفيه. وهذا أمر ذو أهمّيّة كُـبرى، لأنَّه يُبَيّن لَنا مَدَى الترابط القائم بين الله والإنسان حتّى إنَّه لا يُمْكِننا التحدّث عن الواحد دون الآخر. لا بلّ أكثر من ذلك فإنَّ الاثنين مدعوَّان ليعيشا وحدة متماسكة لا تنفصل، على مثال المسيح الذي نعرفه بأنَّه إله وإنسان معًا. أفلم يقل المسيح : " كلَّمَا صَنَعْتُم شَيْئًا لِوَاحِدٍ مِنْ إِخْوَتِي هَؤُلاء اَلصْغَار فَلِي قَد صَنَعْتِمُوه " (متى 25/40)؟.



      إنَّ موضوع الله مهم لأنَّه بمثابة المفتاح الذي يمكّننا أنْ نفهم الأمور الأخرى. أو بالأحرى نحن ننظر إلى جميع الأمور من خلال هذا المنظار الذي نسميّه الله، لأنّنا ننظر إلى مجمل الأمور ( الأشياء والآخرين ) انطلاقًا من الإيمان. فمفهوم الإيمان ونظرتنا إلى الله هما اللذان يحدّدَان لنا بقيّة المفاهيم. لهذا السبب، سنسعى، من خلال هذا الكتاب، إلى تصحيح نظرتنا ومفهومنا لله، وبالتالي لباقي الأمور الحياتيّة التي تهمّنا. بوجه عامٍّ لدينا مفاهيم متعدّدة ومختلفة وفي أغلب الأحيان متناقضة في شأن الله ( الله المحبّ والله الرحيم، والله الحاكم والديّان، والله الذي يريد الذبائح إلخ...) بالإضافة إلى أننا نصيغ الله بالوجه وبالطريقة التي تناسبنا، فنُسقط عليه رغباتنا وميولنا وأمنياتنا وأحلامنا، علَّه يحققها لنا. وبهذا المعنى، فإنَّ بعض الانتقادات التي وُجّهَت إلى المسيحيّة تتّهم هذه بأنَّها تؤمن بإله يريد أن يبقى الإنسان طفلاً غير مسؤول، فيتّكل في كلّ شيء على الله. وهناك انتقادات أخرى تقول بأنَّ الله هو من نتاج الإنسان، أيّ بأنَّ " الإنسان هو الذي أوْجَدَ الله ". قد نرفض هذه الانتقادات باسم الإيمان والدفاع المتعصّب الأعمى عن الدين. ولكنْ علينا الاعتراف بأنَّ فيها الكثير من الحقيقة، لأنَّنا غالبًا ما نعيش الله على أنَّه كذلك. فهو الذي يُميت: " الله أخذه، هي إرادة الله إلخ ". وهو الذي يجرّب الإنسان: " إنَّ الله يجرِّب محبّيه ". ولكن هذه العبارة ليست من العهد الجديد، بلّ من العهد القديم. ونقول بأنَّ الله هو الذي " يَبْلِي ويُعين ". نقبل هذا الأمر لأنَّه يُريحنا ويرفع عنَّا المسؤوليَّة. من المريح لنا أنْ يعود كلّ شيء إلى الله. ولكن في ذلك هروبًا من العالم ومن المسؤوليَّة التي تقع على عاتقنا نحو العالم والإنسان: أفلم يقل الله للإنسان: " اِنْموا واَكْثُروا وأمْلأُوا الأَرضَ وأَخضِعوها وَتَسَلَّطوا "(تك 1/28)؟ لكنَّنا نرفض ذلك، عندما يعاكس رغباتنا وأمنياتنا: " شو عملتلك يالله... وينو الله...؟".



      معرفتنا لله نابعة، في الكثير من الأحيان، من تصوّرات وأفكار ورثناها منذ القدم، وهذا ما يدخل في نطاق ما سمَّاه المحلِّل النفسي المعروف يونخ " اللاوعي الجماعيّ ". عند جميع الناس، نلاحظ هذه التصوّرات نفسها، ولكنْ بدرجاتٍ متفاوتة. وهذا يعني أنَّ معرفتنا لله لا تنبع من معرفتنا للكتاب المقدّس، بلّ تأتي، في أفضل الأحيان، من التعليم المسيحيّ الذي تربَيْنا عليه دون أن نحاول تطويره والتعبير عنه بلغة اليوم، مع كلّ ما حملته لنا العلوم التطبيقيّة والإنسانيّة.



      فنحن مدعوّون إلى التفكير في هذا الموضوع على ضوء الكتاب المقدّس لنكوّن صورة صحيحة، إلى حدٍ ما، عن الله والإنسان معًا. وَرَدَ في الكتاب المقدّس " إنَّ الله حبّ " وهو " ليس إلاَّ حبًّا " على حدِّ قول اللاهوتيّ الفرنسي فرنسوا فاريون. وهذا يعني بالطبع أنَّ الله لا يمُكنه أنْ يقوم بأعمال مخالفة " للحبّ " أو، بمعنى آخر، خارجًا عن الحبّ، لا يستطيع الله شيئًا، لأنـَّه خيّر وكلّي الخير. إنَّ الله لا يُجَرِّب الإنسان، بل التجربة هي جزء لا يتجزَّأ من حياة الإنسان، لأنـَّه خُلِقَ حرًّا. فلا وجود للتجربة بدون الحريّة والعكس صحيح.



      هذا ما يحملنا على التوقّف عند كلّ وجه من وجوه الله محاولين أن نتعرَّف إليه عن كثب ونتركه يكشف لنا وجهه الحقيقي من خلال كلامه الذي نقرأه ونتلقّاه من الكتاب المقدّس بوجهٍٍ عام ومن العهد الجديد بوجهٍ خاصٍّ.



      مواضيعنا ستكون إذًا على النحو التالي:

      الله المحرّر: إنَّ أوّل اختبار لإنسان العهد القديم كان اختبار الله الذي يُحرّر محبِّيه. ولكن من ماذا يُحرّرنا الله؟ من كلّ ما يمنعنا أنْ نكون بشرًا أحرارًا، على صورته كمثاله. كان هذا المفهوم غير واضح في العهد القديم، ولكنَّه أخذ في المسيح معناه وأبعاده الحقيقيّة: الله يُحرّرنا من الخطيئة، وهي أساس جميع أنواع العبوديّات التي يعيشها الإنسان.



      الله الخالق: بعد القيام باختبار الله المُحرّر، اِخْتَبَرَ إنسان العهد القديم الله الخالق، الله الذي يصنع شعبًا ممَّا لم يكن شعبًا. فاستخلص من ذلك أنَّ الله هو القادر على كلّ شيء: فَبِإمْكانه أنْ يخلق من العدم. إذًا هو الله الخالق. خالق الكون. وما فيه، خالق الإنسان.

      الله المخلّص: أخذ اختبار التحرّر في العهد الجديد، في المسيح، معنى آخر، منحًى آخر، عمقًا: فالله المحرّر أصبح الله المخلِّص. إنَّ تاريخ الله مع الإنسان يُعَبَّر عنه بتاريخ الخلاص. واختبار الخلاص مرتبط بأمرَين مهمَّين: الخلاص من الخطيئة، ومن نتيجتها وهو الموت. نحن نقول إنَّ المسيح يخلّصنا من الخطيئة، وهذا صحيح، ولكن علينا أنْ نعلمْ كيف يتمّ ذلك. ثمّ نقول إنَّ المسيح تجسَّد لكي يخلّصنا من الخطيئة، وهذا ما علينا أن نعدّله، لأنَّ هذا المنطق يعني أنَّ التجسّد فُرِضَ على الله بسبب الخطيئة، وهو أمر لا يتطابق مع جوهر الله المحبّ. فنحن نقول اليوم إنَّ الكلمة تجسَّد وسكن بيننا واتّحد بنا لأنـَّه يحبّنا: " فالله تزوَّج البشريّة " كما ورد في الكتاب المقدّس. وباتّحاده هذا يحرّرنا ويخلّصنا من الخطيئة. إذ التجسّد مستقلّ تمامًا عن موضوع الخطيئة، وإنْ كان، في الوقت نفسه، يُحرّرنا منها. فلو لم يكنْ هناك من خطيئة، لتجسّد المسيح أيضًا

        مواضيع مماثلة

        -

        الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 19 سبتمبر 2024, 9:56 am